تحت الشجرة السِّرّيِّة للموت (مختارات شعرية من آنخل جيندا)

الكتابة بوصفها هوية في ديوان “الوداع في مثلث صغير”
سبتمبر 8, 2024

ترجمها عن الإسبانية: أحمد يمان

صناديق

يمكن أن تقول ذلك هنديةٌ حمراء وتكون على حق.

«حياتكم منظمة في صناديق.

تولدون ويضعونكم في صندوق صغير،

بيتكم صندوق والغرف صناديق أصغر،

تصعدون إلى البيت في صندوق

وتهبطون منه في صندوق.

تسافرون في صندوق.

تنامون وتمارسون الحب فوق صندوق.

ترون العالم عبر صندوق.

تغيرون البيت: وتضعون كل شيء في صندوق.

المصارف وصناديق التوفير تجني الصندوق

وعندما تموتون يدخلونكم في صندوق»

 

كل شيء تم من أجل أن نتصندق.

تُصندقُنا الحياة.

بعضنا لا يتوافق ويتفسخ.

**

شطرنج

شطرنج المفاهيم الخفية. أين أنا؟ الشارع الذي يدعوني يختلج كثيفا، نصف شفاف، مقوسا. أدوس الأرضية المدهشة هذه وأطفو! حبوب لقاح، كندور أنديزي[1]، رائحة، تنفس. يتحرك كل شيء عندما أكون هادئا! كل شيء هادئ عندما أتحرك! من كثرة الاختلال أتوازن! فرن الجليد الذي هو جلدك، مكابح ريح الغياب. النجوم لا تسأل من هي أو ما أكونه أنا! أنا الرادار الذي يكشف ما لا يقوله الرعد، اختفاء لشبونة عندما ظهرتِ أنتِ. أنتِ عطش الرغبة لما يضيء، نزوح الممكن، خفاء الخفقان، ضوء الرعشة المكسور!

 **

ألعلّي أنا البلاطة؟

ألعلّي أنا البلاطة التي تتحرك من كثرة دعسها؟

أنا من يبلع منصات الإعدام!

مدخنة تنمو في كل قدم من قدمي. أمشي متلمسا وسط مسدسات.

المتطرف يذبح رهينته من الظهر أمام الكاميرا.

أنا التليفون الذي يغلق بيد من الهواء. القائم من الموت الذي يموت نهائيا!

دوريات ثملة من الغضب تقوم بمجزرة في إحدى القرى.

تسقط من عيني ناطحات سحاب مبتلة!

بعد الصدى المتسكع لرصاصات الرحمة، أنا خيط الدم الذي يبحث في الشوارع عن قلب يحتويه.

 

ألمي يتنكر في دائرة أحجار كحَلْقٍ بري في البطن المفتوح لشاة تحتضر.

(هذه الصور تعدو مذعورة داخل رأسي).

**

رأسي تملؤها الأصوات

رأسي تملؤها الأصوات! أصوات أشباح، أصوات جديدة، للقدر، مجهولة أو تنبؤية، أصوات من مركز الأرض، أصوات قلقة، مكممة، معدنية، من الزجاج، أصوات من الغاز، من الكلوروفورم، أصوات جوفاء من سراديب الموتى، من الروبوتات، من الأسلاك، أصوات مقطعة الأوصال. رأسي طبق رنّان، برج جرس، قرع طبول من الأصوات! أسمع أصواتا تتراكم، تدهس، تكسر سكوني، تترنح. أصوات من العطش، من الحجر، من الخشب، أصوات من الأبدية، مطمورة، أصوات من الزمن، من الهاوية، أصوات من الظلام، والزلازل والبراكين والإنذارات. رأسي مرصد أصوات مسحورة، وحيدة، أصوات من الشقق والقصور، من المخابئ، من الأكواخ، من الحانات، أصوات مفقودين، من الإنهاك، من الحرب، من النجدة، من غرقى يُهَدِئون الغيوم. أرى أصوات الكوابيس. ألمس أصواتا من الأكسجين، سرية، مهاجرة.

 أصوات تنزف، أصوات هيكل عظمي، أصوات من الزهور، من الصخور، من الحيوانات، أصوات بلا مقبرة، أصوات دون أصوات منفية. لكن دائما أسمع أصواتا، أصواتا، أصواتا. صوتي نتاج كل الأصوات تلك.

**

لقد دخنت الحياة

لقد دَخّنْتُ الحياة

كما دخنني الزمن.

انظروا إلى هذه الحنجرة، هذه القصبة الهوائية،

هذه الشعيبات الهوائية، هذه الرئة

وهي مقصوفة بالنيكوتين.

لقد دخنت على أرصفة المترو

الغازات تحت الأرضية؛

هواء مدريد الوسخ

كخيانة للضوء الأجمل؛

صقيعا من الجبس على السبّورات،

النار السوداء لأنابيب العادم،

الأوراق الجافة للماريجوانا،

…………

[1] الكندور الأنديزي نوع من النسور في أمريكا الجنوبية.