أكد الشاعر المصري المقيم في إسبانيا أحمد يماني أن اختياره لترجمة قصائد للشاعر لآنخل جيندا، يمثل جزءاً من عمله على الشعر المكتوب بالإسبانية. وصدرت ترجمة يماني لمختارات من شعر جيندا عن دار “ميريت” بالقاهرة أخيراً، وعلق يماني على ذلك قائلاً: “ذلك الشعر المكتوب بالإسبانية أحاول منذ فترة تقديم لمحة عنه سواء عن طريق عمل مختارات لشاعر واحد كما هو الحال في كتاب آنخل جيندا أو ترجمة ديوان واحد كامل، مثلما حدث مع ترجمتي للشاعر الإسباني ميجيل كاسادو والتي صدرت عن دار سنابل في القاهرة عام 2010، أو ترجمة قصائد متفرقة لشاعرات وشعراء من إسبانيا وأمريكا اللاتينية وغيرها ممن يكتبون بالإسبانية وإن لم تكن لغتهم الأم”.وأضاف “وهذه القصائد تنشر عادة في الجرائد والمجلات والمواقع الثقافية، ولم أهتم حتى الآن بجمعها في كتاب أو أكثر وقد أفعل في المستقبل. لديّ ترجمة أخرى لم تطبع في كتاب وهي لواحد من أهم شعراء اللغة الإسبانية الشاعر خوسيه آنخل بالنتي والذي توفي عام 2000 ولم أتمكن من نشرها حتى الآن، ولديّ كذلك مختارات من الشعر التشيلي لما يقرب من خمسة وعشرين شاعرة وشًاعراً تغطي مائة عام تقريبا من الشعر التشيلي، هذه الترجمة لم تنشر أيضا إلى الآن وإن كنت نشرت العديد من قصائد الكتاب في عدد من المجلات والجرائد”.
أما عن اختياره الحالي لآنخل جيندا فقال: “لأنه واحد من أهم شعراء اللغة الإسبانية الأحياء، له أكثر من ستة عشر ديواناً شعريا ويحظى باحترام بالغ في الأوساط الشعرية والنقدية، إضافة إلى كونه واحدا من أكبر أصدقائي في إسبانيا وقد لا يتاح للمترجم دائما أن يتعرف على الشاعر الذي يترجمه على المستوى الشخصي وأعتقد أن هذا يؤثر كثيرا في فهم وتأويل الشعر عند ترجمته”.
وأضاف: “أظنّ أن الشاعر والناقد الإسباني بابلو خابيير بيريث تناول هذا الأمر، في مقدمة الكتاب، بشكل ما عند حديثه عن آنخل جيندا شاعراً وإنساناً وفي الحقيقة يصعب عليّ التفريق بين الشاعر والإنسان لدى آنخل والذي تعرف عليه عدد من الصديقات والأصدقاء الشعراء العرب وأحبوه كثيراً مثل زاهر الغافري ولميس سعيدي وصالح دياب وعلى العامري وعلى الحازمي وغيرهم وكان زاهر الغافري أول من اقترح عليّ فكرة نشر مختارات شعرية لآنخل في كتاب حتى يمكن للقارئ العربي أن يتعرف على عمله”.
الكتاب الحالي عبارة عن أربع وعشرين قصيدة تمثل أشكالاً وطرائق مختلفة في التفكير الشعري لدى آنخل جيندا تمتد على مدار أعوام طويلة. ويعلق: “كان من المفترض أن يصدر الكتاب في ترجمة مشتركة مع الصديق عبد الهادي سعدون والذي قام بترجمة ديوان كامل لآنخل جيندا تحت عنوان (وضوح داخلي) وفي النهاية لم نتمكن سوى من نشر ترجمتي على أمل أن تصدر ترجمة عبد الهادي سعدون قريباً.
وعن شعر أنخل يقول: “أحب فيه بساطته وتعقيده في الوقت نفسه، لديه قصائد غاية في البساطة وقصائد أخرى بالغة التعقيد وتعتمد على قاموس لغوي وتخييلي مختلف تماماً مثل قصيدته (كاتدرائية الليل) وهي آخر قصيدة في المختارات التي ترجمتها، لكن آنخل يقدم في النهاية شعراً قد يكون قريباً من الجميع ومن المؤكد أن مستوياته التأويلية تختلف من قارئ إلى آخر، ولا أريد أن أدخل هنا في التنظير لشعر آنخل جيندا وأفضل أن يقرأه كل واحد على هواه. ما يفقد في الترجمة في رأيي هو حلاوة اللغة وهذا ما لا يمكن نقله ولآنخل لغة تخصه وحده في الإسبانية عمل عليها بجدية طوال رحلته الشعرية التي تقترب من خمسين عاماً.
وعن تأثير الترجمة عليه كشاعر، يقول: “في الحقيقة لا أهتم بتبيان هذا التأثر، وأعتقد أن فكرة التأثر هي من السعة بحيث يمكن أن تشمل أي شيء في الحياة ومنها الترجمة بطبيعة الحال، الجميع يؤثر ويتأثر. قرأت مرة كلمة للشاعر الراحل سركون بولص يقول فيها بما معناه إن أي شاعر عربي يعرف لغة أخرى ولا يترجم عنها فإنما يرتكب جريمة. بالطبع ثمة نوع من الالتزام الأخلاقي لديّ في الترجمة بهذا المعنى. لكن ما أظن أن الترجمة منحتني إياه بشكل محدد يمكنني تلمسه فإنما يتعلق بإعادة تشكيل علاقتي باللغة العربية وفهمي لها ولطرائقها التعبيرية والتي كنت أكتب بها الشعر دون أن أنتبه لمدى تفاعلي معها وفهمي لها”.
ويضيف “تمثلت بعد ذلك تلك الفكرة الثرية التي يتحدث عنها عبد السلام بن عبد العالي باعتبار الترجمة عملية خيانة مزدوجة للغتين المترجم عنها والمترجم إليها كتلك، باعتبارها تحويل للغتين معا. ولا أنسى هنا الكتاب الفذ الموسوعي والذي تعلمت منه الكثير والكثير (حصة الغريب، شعرية الترجمة عند العرب) لصديقي كاظم جهاد ومن ترجمة الصديق محمد آيت حنا والذي لا أكف عن العودة إليه مرات ومرات”.